Faculté de Droit et des Sciences Politiques
Permanent URI for this community
Browse
Browsing Faculté de Droit et des Sciences Politiques by Author "بومعزة منى"
Now showing 1 - 1 of 1
Results Per Page
Sort Options
Item دور القضاء الدولي الجنائي في تطبيق القانون الدولي الإنساني(2008) بومعزة منىلقد كان التعامل في القديم جاريا ومألوفا على أن المنتصرين في الحروب العادلة والظالمة يأخذون نساء المنهزمين سبايا ، ورجالهم وأولادهم رقيقا، حيث كانت تستعمل في المعارك كل قسوة لكسبها، معتمدة على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة ، ولم يفكر أحد آنذاك بمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة، خشية أن يمس ذلك مبدأ سيادة الدولة، و لذلك لم يكن أمام المنهزمين والمتضررين إلا انتظار فرصة قادمة للثأر. غير أن الأوضاع أخذت تتطور منذ أواسط القرن التاسع عشر، حيث شهد التاريخ العديد من المحاولات التي تهدف إلى تنظيم قواعد الحرب وسلوك المتحاربين ، كما أحس المجتمع الدولي بحاجة ملحة وإنسانية إلى تخفيف ويلات الحرب عن الناس، فتداعت الأمم إلى عقد معاهدة جنيف عام 1864 التي تنص على منع ارتكاب الأعمال الفظيعة إبان الحروب، وتلتها معاهدة أخرى عقدت عام 1899 في لاهاي لتأكيد الأهداف نفسها، وغيرها من الاتفاقيات التي تنص على معاقبة كل من يرتكب أثناء المنازعات المسلحة أعمالا وحشية في حق الإنسان. لكن أحداث الحرب العالمية الأولى أثبتت أن الوقائع غير النصوص، لذلك فكر الحلفاء المنتصرون على ألمانيا وحلفائها، بمعاقبة الذين أوقدوا نار الحرب وارتكبوا أعمالا إجرامية فظيعة، فكان أول من فكروا بمعاقبته الإمبراطور الألماني "غليوم الثاني"، لكن حال دون ذلك عدة إشكالات قانونية، لاسيما أنه رئيس الدولة، وكانت محاكمته تعني محاكمة الدولة الألمانية خاصة وأنه لم يكن مقبولا آنذاك أن تحاكم دولة على أعمالها، لأن محاكمة كهذه تنتهك سيادة الدولة، وحق السيادة حق مطلق، فضلا عن رفض هولندا تسليم الإمبراطور لغرض محاكمته عن الجرائم التي ارتكبتها بلاده أثناء الحرب بناءا على أوامره، وهكذا فإن محاولة المجتمع الدولي لإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الأولى، كانت أول بادرة أمل في إنشاء القضاء الدولي الجنائي إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل، وكانت سببا أساسيا لإذكاء نار الحرب العالمية الثانية التي كانت أفظع وأعنف من سابقتها.